↓↓↓↓↓↑↑↑↑↓↓↓↓͛
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
↓↓↓↓↓↑↑↑↑↓↓↓↓͛

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

أسباب التخلص من الهوى للامام بن القيم الجوزية

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

Mozhela

Mozhela
مراقب عام

قال الإمام الحافظ شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله :

الهوى ميل الطبع إلى ما يلائمه ، وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب والمنكح ما أكل ولا شرب ولا نكح فالهوى مستحث له لما يريده كما أن القضب دافع عنه ما يؤذيه ، فلا ينبغي ذم الهوى مطلقاً ، ولا مدحه مطلقاً كما أن الغضب لا يذم مطلقاً ولا يحمد مطلقاً ، ولما كان الغالب من مطيع هواء وشهوته وغضبه أنه لا يقف فيه على حد المنتفع به أطلق ذم الهوى والشهوة والغضب لعموم غلبة الضرر لأنه يندر من يقصد العدل في ذلك ويقف عنده كما أنه يندر في الأمزجة المزاج المعتدل من كل وجه ، بل لابد من غلبة أحد الأخلاط والكيفيات عليه فحرص الناصح على تعديل قوى الشهوة ، والغضب من كل وجه وهذا أمر يتعذر وجوده إلا في حق أفراد من العالم ، فلذلك لم يذكر الله تعالى الهوى في كتابة إلا ذمة ، وكذلك في السنة لم يجئ إلا مذموما إلا ما جاء منه مقيدا كقوله صلى الله عليه وسلم (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به )) وقد قيل الهوى كمين لا يؤمن .

قال الشعبي : " وسمي هوى لأنه يهوي بصاحبه ، ومطلقة يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في العاقبة ، ويحث على نيل الشهوات عاجلاً وإن كانت سبباً لأعظم الآلام عاجلا وآجلا فلدينا عاقبة قبل عاقبة الآخرة ، والهوى يحمي صاحبها من ملاحظتها والمروءة والدين والعقل ينهي عن لذة تعقب الماء وشهوة تورث ندماً فكل منها يقول للنفس إذا ارادت ذلك لا تفعلي والطاعة لمن غلب ألا ترى أن الطفل يؤثر ما يهوى وأن أداه إلى التلف لضعف ناهي العقل عنده ومن لا دين له يؤثر ما يهواه وإن أداه إلى هلاكه في الآخرة لضعف ناهي الدين ومن لا مروءة له يؤثر ما يهواه وإن ثلم مروءته أو عدمها لضعف ناهي المروءة فأين هذا من قول الشافعي رحمه الله تعالي : لو علمت أن الماء البارد يثلم مروءتي لما شربته !!

ولما امتحن المكلف بالهوى من بين سائر البهائم وكان كل وقت تحدث عليه حوادث جعل فيه حاكمان : حاكم العقل وحاكم الدين ، وأمر أن يرفع حوادث الهوى دائماً إلى هذين الحاكمين وأن ينقاد لحكمهما وينبغي أن يتمرن على دفع الهوى المأمون العواقب ليتمرن بذلك على ترك ما تؤذي عواقبه . فإن قيل : فكيف يتخلص من هذا من قد وقع فيه ؟ قيل : يمكنه التخلص بعون الله وتوفيقه له بأمور :

أحدهما : عزيمة حر يغادر لنفسه وعليها .

الثاني : جرعة صبر يصبر نفسه على مرارتها تلك الساعة .

الثالث : قوة نفس تشجعه على شرب تلك الجرعة ، والشجاعة كلها صبر ساعة وخير عيش أتدركه العبد بصبره .

الرابع : ملاحظته حسن موقع العاقبة والشفاء بتلك الجرعة .

الخامس : ملاحظته الألم الزائد على لذة طاعة هواه .

السادس : إبقاؤه على منزلته عند الله تعالى وفي قلوب عباده ، وهو خير وأنفع له من لذة موافقة الهوى .

السابع : إيثارة لذة العفة وعزتها وحلاوتها على لذة المعصية .

الثامن : فرحة بغلبة عدوه ورده خاسئاً بغيظه وهمه وغمه وهمه حيث لم ينل منه أمنيته والله تعالى يحب من عبده يراغم عدوه ويغيظه كما قال الله تعالى في كتابه العزيز ( ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح ) [ التوبة : 120 ] ، وقال ( ليغيظ بهم الكفار ) [ الفتح : 29 ٍ] وقال تعالى : ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراقماً كثيراً وسعة ) [النساء 100] أي مكانا يراغم فيه أعداء الله وعلامة المحبة الصادقة مغايظة اعداء المحبوب ومراقمتهم .

التاسع : التفكر في أنه لم يخلق للهوى وإنما هي لأمر عظيم لا يناله إلا بمعصيته للهوى كما قيل .

قد هيأوك لأمر لو فطنت له فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

العاشر : ألا يختار لنفسه ان يكون الحيوان البهيم أحسن حالاً منه فإن الحيوان يميز بطبعه بين مواقع ما يضره وما ينفعه فيؤثر النافع على الضار والإنسان أعطي العقل لهذا المعنى فإذا لم يميز به بين ما يضره وما ينفعه أو عرف ذلك وأثر ما يضره كان حال الحيوان البهيم أحسن منه .

الحادي عشر : أن يسير بقلبه في عواقب الهوى فيتأمل كم أفاتت معصيته من فضيلة وكم أوقعت في رذيلة وكم أكلة منعت أكلات وكم من لذة فوتت لذات وكم من شهوة كسرت جاها ونكست رأسا وقبحت ذكرا وأورثت ذماً ،وأعقبت ذلا وألزمت عارا لا يغسله الماء غير أن عين صاحب الهوى عمياء .

الثاني عشر : أن يتصور العاقل انقضاء غرضه ممن يهواه ثم يتصور حاله بعد قضاء الوطر وما فاته وما حصل له .

الثالث عشر : أن يتصور ذلك في حق غيره حق التصور ثم ينزل نفسه تلك المنزلة فحكم الشئ حكم نظيره .

الرابع عشر : أن يتفكر فيما تطالبه به نفسه من ذلك ويسأل عنه عقله ودينه يخبرانه بأنه ليس بشء , قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذا أعجب أحدكم أمرأة فليذكر مناتنها .

الخامس عشر : أن يانف لنفسه من ذل طاعة الهوى فإنه ما أطاع أحد هواه إلا وجد في نفسه ذلا ولا يقتر بصولة اتباع الهوى وكبرهم فهم أذل الناس بواطن قد جمعوا بين فصيلتي الكبر والذل .

السادس عشر : أن يوازن بين سلامة الدين والعرض والمال والجاه ونيل اللذة المطلوبة ، فإنه لا يجد بينهما نسبة البتة ، فليعلم أنه من أسفه الناس ببيعه هذا بهذا .

السابع عشر : أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه فإن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة وهمه وميلاً إلى هواه – طمع فيه وصرعه وألجمه بلجام الهوى وساقه حيث أراد ومتى أحس منه بقوة عزم وشرف نفس وعلو همة لم يطمع فيه إلا اختلاساً وسرقة .

الثامن عشر : أن يعلم أن الهوى ما خالط شيئا إلا أفسده فأن وقع في العلم أخرجه إلى البدعة والضلالة وصار صاحبه من جملة أهل الأهواء وإن وقع في الزهد أخرج صاحبه إلى الرياء ومخالفة السنة ، وإن وقع في الحكم أخرج صاحبة إلى الظلم وصده عن الحق ، وإن وقع في القسمة خرجت عن قسمة العدل إلى قسمة الجور وإن وقع في الولاية و العزل أخرج صاحبه إلى خيانة الله والمسلمين حيث يولى بهواه وبعزل بهواه وإن وقع في العبادة خرحت عن أن تكون طاعة وقربة ، فما قارن شيئا إلا أفسده .

التاسع عشر : أن يعلم أن الشيطان ليس له مدخل على إبن آدم إلا من باب هواه ، فإنه يطيف يه من أين يدخل عليه حتى يفسد عليه قلبه وأعماله فلا يجد مدخلا إلا من باب الهوى ، فسيرى معه سريان السم في الأعضاء ,

العشرون : أن الله سبحانه وتعالى جعل الهوى مضاداً لما أنزله على رسوله وجعل إتباعه مقابلا لمتابعة رسله ، وقسم الناس إلى قسمين : أتباع الوحي ، وأتباع الهوى ، ونذا كثير في القرآن الكريم كقوله تعالى : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ) [ القصص : 50 ] وقوله تعالى ( ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذى جاءك من العلم ) [ البقرة : 120 ] .

الحادي والعشرون : أن الله سبحانه وتعالى شبه أتباع الهوى بأخس الحيوانات صورة ومعنى ن فشبههم بالكلب تارة كقوله تعالى : ( ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب ) . [ الأعراف ، 176 ] بالحمر تارة كقوله تعالى : ( كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ) [ المدثر ، 50 ، 51 ] وقلب صورهم إلى صورة القردة والخنازير تارة .

الثاني والعشرون : أن متبع الهوى ليس أهلاً أن يطاع ولا يكون إماماً ولا متبوعاً ، فإن الله سبحانه وتعالى عزلة عن الإمامة ونهى ونهى عن طاعته أما عزله فإن الله سبحانه وتعالى قال لخليله إبراهيم .

( إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) [ البقرة : 124 ] . أي لا ينال عهدي بالإمامة ظالماً ، وكل ما اتبع هواه فهو ظالم كما قال الله تعالى : ( بل اتبع الذين ظلموا أهوائهم بغير علم ) [ الروم ، 29 ] وأما النهي عن طاعته فلقوله تعالى ( فلا تطع من أغفلنا قلنه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) [ الكهف :28 ] .

الثالث والعشرون : أن الله سبحانه وتعالى جعل متبع الهوى بمنزلة عالد الوثن فقال تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) [ الفرقان : 43] في موضعين من كتابه ن قال الحسن : هو المنافق لا يهوي شيئاً إلا فعله .

الرابع والعشرون : أن الهوى هو حظار جهنم المحيط بها حمولها ، فمن وقع فيه وقع فيها كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " وفي الترمزي في حديث إبي هريرة رضي الله عنه يرفعه :" لما خلق الله الجنة أرسل إليها جبريل فقال : أنظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها ، فرجع إليه وقال : وعزتك لا يسمع بها أحد من عبادك إلا دخلها ، فأمر بها فحجبت بالمكاره وقال ارجع إليها فانظر إليها فرجع فإذا هي قد حجبت بالمكاره فقال : وعزتك لقد خشيت ألا يدخلها أحد : قال اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعدت لأهلها فيها فإذا هي يركب بعضهم بعضاً فقال وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فأمر بها فحفت بالشهوات فقال : ارجع فانظر إليها فرجع إليه فقال : وعزتك لقد خشيت ألا ينجو منها أحد " قال الترمزي : هذا حديث حسن صحيح .

الخامس والعشرون : أنه يخاف على من اتبع الهوى أن ينسلخ من الأيمان وهو لا يشعر وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يؤمن أحدكم حتى يكن هواه تبعا لما جئت به " وضح عنه أنه قال : " أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى "

السادس والعشرون : ان اتباع الهوى من المهلكات . قال صلى الله عليه وسلم . " ثلاث منجيات وثلاث مهلكات : فأما المنجيات فتقوى الله عز وجل في المر والعلانية ، والقول بالحق في الرضا والسخط ، والقصد في الغني والفقر ، وأما المهلكات فهوى متبع ، وشح مطاع ، وإعجاب المرء بنفسه "

السابع والعشرون : أن مخالفة الهوى تورث العبد قوة في بدنه وقلبه ولسانه ، قال بعض السلف : الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده ، وفي الحديث الصحيح المرفوع : " ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " وكلما تمرن على مخالفة هواه اكتسب قوة إلى قوته .

الثامن والعشرون : أنه أغزر الناس مروءة أشدهم مخالفة لهواه . قال معاوية : المروءة ترك الشهنات وعصيان الهوى فاتباع الهوى يزمن المروءة ، ومخالفة تنعشها .

التاسع والعشرون : انه ما من يوم إلا والهوى والعقل يعتلجان في صاحبه ، فأيها قوى على صاحبه طرده وتحكم وكان الحكم له قال أبو الدرداء : إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله ، فإن كان عمله تبعا لهواه فيومه يوم سوء وان كان عمله تبعا وإن كان هواه تبعاً لعمله فيومه يوم صالح .

الثلاثون : أن الله سبحانه وتعالى جعل الخطأ واتباع الهوى قرينين ، وجعل الصواب ومخالفة الهوى قرينين كما قال بعض السلف : إذا أشكل عليك أمران لا تدري أيها أشد فخالف اقربهما من هواك ، فإن أقرب ما يكون الخطأ في متابعة الهوى .

الحادي والثلاثون : إن الهوى داء وودواء ؤه مخالفته ، قال بعض العارفين : إن شئت أخبرتك بدائك وإن شئت أخبرتك بدوائك ، داؤك هواك ، ودواؤك ترك هواك ومخالفته . وقال بشر الحافي رحمه الله تعالى : البلاء كله في هواك ، الشفاء كله في مخالفتك أياه .

الثاني والثلاثون : أن جهاد الهوى إن لم يكن أعظم من جهاد الكفار فليس بدونه قال رجل للحسن البصري رحمه الله تعالى : يا أبا سعيد ، أي الجهاد أفضل ؟ قال جهادك هواك . وسمعت شيخنا يقول جهاد النفس والهوى أصل جهاد الكفار والمنافقين فإنه لا يقدر على جهادهم حتى يجاهد نفسه وهواه أولاً حتى يخرج إليهم .

الثالث والثلاثون : أن الهوى تخليط ومخالطة حمية ، يخاف على من أفرط في التخليط وجانب الحمية أن يصرعه داؤه .

الرابع والثلاثون : أن اتباع الهوى يغلق عن العبد أبواب التوفيق ، ويفتح عليه أبواب الخذلان ، فتراه يلهج بأن الله لو وفق لكان كذا وكذا ، وقد شد على نفسه طرق التوفيق باتباعه هواه / قال الفضيل بن عياض : من استحوذ عليه الهوا واتساع الشهوات انقطعت عنه موارد التوفيق .

قال بعض العلماء : الكفر في أربعة أشياء : في الغضب ، والشهوة والرغبة ، والرهبة ثم قال رأيت منهن اثنتين : رجلا غضب فقتل أمه ، ورجل عشق فتنصر .

الخامس والثلاثون : أن من نصر هواه فسد عليه عقله ورأيه ، لأنه قد خان الله في عقله فأفسده عليه ، وهذا شأنه سبحانه وتعالى في كل من خانه في أمر من الأمور ن فإنه يفسده عليه .

السادس والثلاثون : إن من فسح لنفسه في إتباع هواه ضيق عليها في قبره ويوم معاده ، ومن ضيق عليها بمخالفة الهوى وسع عليها في قبره ومعاده وقد أشار الله تعالى إلى هذا في قوله تعالى : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) [ الإنسان ، 12]

فلما كان في الصبر الذي هو حبس النفس عن الهوى خشونة وتضييق ،جازاهم على ذلك نعومة الحرير وسعة الجنة . وقال أبو سليماان الداراني رحمه الله تعالى في هذه الآية : جزاهم بما صبروا عن الشهوات .

السابع والثلاثون : أن اتباع الهوى يصرع العبد عن النهوض يوم القيامة عن السعي مع الناجين ن كما صرع قلبه في الجنيا عن مرافقتهم . قال محمد بن أبي الورد : إن لله عز وجل يوماً لا ينجو من شره منقاد لهواه ، إن أبطأ الصرعى نهضة يوم القيامة خريع شهوته ن وأن العقول لما جرت في ميادين الطلب كان أوفرها طظا من يطالبها بقدر ما صحبه من الصبر . والعقل معدن والفكر معول .

الثامن والثلاثون : عن اتباع الهوى يحل العزائم ويهونها , ومخالفته تشدها وتقويها ن والعزائم هي مركب العبد الذي يسيره إلى الله والدار الآخرة فمتى تعطل المركوب أوشك أن ينقطع المسافر . قيل ليحي بن معاذ : من أصح الناس عزما . قال : الغالب لهواه .

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

مواضيع مماثلة

-

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى